أين يختفي الغبار في الصباح ؟

من صمت المياه المتدفقة على شجرة الكنار قبيل بيت العجمان، لن تعرف عن غبار الليلة الفائتة. كما لن تعرف عنه أيضًا من تغريد القمري على نافذة صالتنا، ولا من الشارع الذي كحمال أسية، يحمل الماء والصابون النازل عن السيارات المغسولة حديثا في حضنه. كل ما يلوح في الأفق قبيل الثامنة والنصف صباحًا، لا يوحي أبدًا …

مع ناظم حكمت

لا جديد، كل الذين أصادفهم اليوم، اعتادوا أن يقابلونني ممسكًا بكتاب، أو مخبئًا واحدًا في حقيبتي، أو واضعًا إياه ليحترق فوق كبّوت السيارة.  فجأة، لا تبدوا أسباب قراءتي للكتب مثيرة للسؤال، هكذا، تبدو الأمور سائرة بتسليم، تركي يقرا. قبل بضع السنوات، كان السؤال يتكرر، ليس بكثرة لكن بصورة تدعو للبحث عن إجابة. في الجامعة طُرح …

صباح الخير، بيسوا

في كل مرة أقرأ فيها سطرًا، وتلمسني الكلمات كما يلمسني الهواء الفاتر، ليس بالدفء الذي يحتضن قلبي، ولا بالبرودة التي تجعلني أستشعر قسوة هذا العالم. يتنهاهى إلي صوت صديقي من سنتين، حين شعرت بلذّة قراءة رواية جميلة "اكتب شعورك بورقة صغيرة، وحطها بالكتاب عشان تتذكره" كانت الرواية حينها هي شيطان أبد الدهر، لدونالد ري بولوك، …

رحلة البحث عن النوّير

في حديقة الشهيد، تبدو الأشياء دقيقة جدًا، أكثر دقّة ربما مما يجب أن تكون عليه. بجانب الممشى الذي يتوسط الحديقة، يجلس عامل على العشب الرطب، وبمقص حديدي يشذّب أيادِ الحشيش حين تمتد أكثر من اللازم نحو أرضية الممشى. وبجانبه يجلس عامل آخر، يجمع الحشيش المقصوص ويضعه في كيس أصفر شفاف. وريقات المجنونة المتساقطة ما إن …

هل تسقط الطيور بعشوائية ؟

في الطريق المنثور على وجهه فيء الأشجار، أمر راكضًا في التمرين اليومي. قطرة مطر صغيرة تحط على كتفي، كلمة صغيرة لو تتخيلها قليلًا، كلمة صغيرة تخرج من شخص يجمع الرمل ثم ينثره على حد الشاطئ، كلمة صغيرة تحلّق في الهواء، كلمة صغيرة تذوب في ملوحة البحر، كلمة صغيرة تسبح وتتبخر وتتكثف وتطير ثم تسقط، تمامًا …

الكف وسط الماء البارد

كما لو أنها رقعة من زجاج، تبدو البحيرة، حين تغفو على صدرها أجساد النوارس المتعبة. كرقعة من زجاج شفاف تبدو البحيرة، من مكاني البعيد عن سور البحيرة، كرقعة من زجاج تبدو، حتى أقترب منها، حتى أحس بالريح المحمّلة برائحة الأشجار والغبار وهي تلامس وجه الرقعة، حتى ترتجف صفحة الماء قليلًا، قليلًا فقط، للحد الذي تثبت …

ما يحدث من تلقاء نفسه في عتمة الأعين

في حضور الحاجة لنظارة جديدة، تمرني صورة نحل حديقتنا وهو يتنقّل بين نباتات "المشموم"، حيث ما إن تحط ساقاه الدقيقتان على زهرة، حتى كما الملسوع يقفز إلى زهرة أخرى. هنا لا النحل ولا أنا وجدنا الزهور والنظارات على سوء، ولكن لا شيء يبدو لنا جيدًا كفاية. لم يختلف اختبار فحص النظر منذ أول مرة أجريته …

ما يراه السائر في بوليڤارد

متقيًّا شر الأخطاء بتكرارها، أكرر ارتداء ذات  الشورت الأسود في عز الشتاء، وأركض حاشرًا في جيبي كومة من المناديل، التي تشرح تقريبًا ما قصده يزيد ابن معاوية حين قال “تأملوا  كيف فِعْلُ الظبي بالأسد”، الظبي هنا عنادي،  أما الأسد غارق في دوامة الزكام. لو يعلم يزيد ابن معاوية كيف تبلّيت على  مقصده من البيت فقط. …