Normal People

تشرق الشمس، ولا أعرف ذلك إلا من النور المتقطع من شتر نافذة غرفتي، وهو ينعكس على زاوية الجدار المقابل. أجلس لساعة أو ساعتين، أحاول استيعاب كل الثقل الذي أشعر به فور انتهائي من مسلسل Normal People. كنت أستثقل حتى الخطوة الصغيرة التي كنت سأخطوها نحو النافذة، لأرى الشروق من وراء حديقة بيتنا، لأشعر ولو قليلًا، أن أمنية عيش أكثر من حياة من خلال الفن، لا تتعدى سوى كونها مجرد حياة افتراضية.
أتذكر أول مرة لمسني شيء بهذه الطريقة. كنت أجلس في زاوية محاضرة مملة بالجامعة وأقرأ رواية ظل الريح؛ ولم أشعر إلا والأسطر تذوب على بعضها البعض. أمسك منديل صغير وأمسح عيني وأستأذن بالذهاب للحمام. أمام مرآة الحمام كنت أقف وأضحك على احمرار أنفي وخط الدموع على خدي. وكان التعذر كذبًا بحصولي على أقل درجة بالامتحان، أهون لي في وقتها من أن أشرح لصديقي أنني أبكي على رواية لكاتب اسباني.
ذات الممثل الذي مثّل في مسلسل normal people، مثّل أيضًا في فيلم aftersun. لم أحب الفيلم الأخير، ولم أشعر بتلاشي ذلك الغضب بعد مشاهدته إلا حين قرأت في مراجعة للفيلم هذه الجملة:
‏A movie with a heart but not a beating one
لم يكن الأمر مشابهًا في المسلسل، رغم تشابه النغمة الساكنة البطيئة لكل شيء. كان كل شيء في المسلسل، رغم كل الحزن الكامن فيه، ينبض بالحياة، ولو كانت تلك الحياة النابضة باردة وموحشة.
ذات النغمة البطيئة الساكنة لكل شيء وجدتها في اللحظة التي وقفت فيها على نافذتي لمشاهدة الشروق. الطيور وهي تحلق من بركة فوق سقف أحد البيوت، إلى بركة أخرى. عمّال النظافة وهم يحملون بقايا بيت جيراننا المهدوم، الكنار المتساقط من سدرة بيتنا، حتى باللحظة التي رفعت بها يدي ممسكًا بالنبتة البيضاء الخفيفة الطائرة بالهواء. لا صوت، لا حياة.
رغم ذلك، أعرف كيف أطرد الزعل.مشوار سريع للمشاتل مع أمي. “أكيد بيموتون نبتاتك، بتكحلها عميتها، كل يومين ساقيهم ماي لين غرقوا” أبتسم وأنا أحاول تذكر أسماء النبتات الميتة. أحاول شرح الأشكال بذات الطريقة: ساقها طويل وفيها ورق يمين ويسار. “حبيبي، كل الزرع نفس وصفك”
نسيت أسماء النبتات الأربع، حتى بعد أن أخبرني بهم البائع في المشاتل. لذلك، سأسميهم بنفسي، وعلى البائع، كأي بائع يتعامل مع محور كون نفسي، معرفتهم في المرة القادمة، من اليمين:
Pixies swing
Moonless
All green violet 
Memories weed